الرئيسية » قصص انسانية »
11 شباط 2025

هذا ليس جراراً عادياً

كابوس طواقم الإسعاف في طوباس !!

على الطريق الرئيس في بلدة طمون الواقعة جنوب محافظة طوباس شمال الضفة الغربية، جرار زراعيٌ يقفُ بشكلٍ عرضيٍ بوسط الطريق، يحيط به سواترُ ترابية تغلق ُطرقاً فرعية، في إطار العقاب الجماعي لأهالي البلدة المحاصرين في ظل استمرار عملية عسكرية إسرائيلية في المحافظة تحديداً في طمون ومخيم الفارعة.

قد يبدو الجرار للوهلة الأولى متعطلاً، قبل أن يظهر جنود إسرائيليون يختبؤون خلفه، لتفهم أنه جرار زراعي يستخدمه الجنود كساترٍ لإغلاق الطريق، في ظل الحصار المطبق، والذي لا يسمح بحرية الحركة لطواقم الإسعاف التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.

تحولَ المكانُ الذي كان بالعادةِ يعجُ برائحة الطابون، في بلدةٍ ذات طابعٍ ريفي بحت، وأصوات الرعاةِ تخترق صوت الوادي من أعلى الجبل، إلى مكانٍ تملؤه رائحة البارود وأصوات القنابل، صار كابوساً لضباط الإسعاف منعهم حتى من تشغيل صافرةِ الإنذار.

 

انتهاك في كُل يوم

على هذا الحاجز يتم التنكيل بضباط الإسعاف، يُجبرون على خلع ملابسهم، وإخراج كُل ما تحمله سياراتهم، ويحتجزون لساعات، قبل أن يسمح لهم بنقل المرضى من سيارةٍ لأخرى، جرافةٌ تدوس شارةً يتوجب احترامها وحماية كل من يرتديها بموجب القانون الدولي الإنساني.

المُسعف علان غنام بيّن أنهم يتعرضون لانتهاكات واحتجاز، رغم أنهم لا يخرجون للحالات المرضية إلا بتنسيق ورغم وجود هذا التنسيق إلا أنه يتم احتجازهم لمدة لا تقل عن الساعة والساعة والنص على مدخل قرية طمون حيث لا يسمح لهم حتى لا بالعودة ولا بالتقدم.

 

ولادة لم تكتمل 

ويروي غنام أصعب لحظات عاشها عندما توجه في صباح اليوم الثالث من العملية العسكرية الإسرائيلية في طمون، لإجلاء حالة ولادة طارئة إلا أن الاحتلال احتجزهم لمدة لا تقل عن ساعة ونصف، رغم صعوبة الحالة، كادت السيدة أن تلد على الحاجز.

وأشار إلى أن جنود الاحتلال أجبروه ورفاقه على خلع ملابس الإسعاف التي تحمل شارة الهلال الأحمر، المحمية بموجب القانون الدولي الإنساني، وقام الجنود بشبحهم على الجدار، بينما قامت جرافة عسكرية بالمرور فوق ملابس الإسعاف الملقاة على الشارع، في حين بقي مريضٌ ملقى في سيارة إسعاف بالجهة المقابلة، في انتظار انتهاء مشهد التنكيل.

 

إمعان في إذلال الطواقم الطبية

 مدير إسعاف الهلال الأحمر في طوباس نضال عودة أكد أن الوضعَ صعبٌ جداً، وأن هناك صعوبة في التنسيق لإخلاء المرضى الذين يعانون أمراضًا مزمنة، إضافة للعديد من حالات ارتفاع درجات الحرارة للأطفال في طمون والذين هم بحاجة للأدوية.

وأضاف أن الاحتلال وضع شرطًا بعدم تحريك أي سيارة إسعاف دون الحصول على التنسيق، فيما هذا التنسيق يحتاج لساعتين وثلاثة ليحصلوا على الرد، من أجل نقل الحالات المرضية في منطقتي طمون ومخيم الفارعة.

وأكد عودة أن سيارات الإسعاف تُمنع منعًا باتًا من الوصول لهاتين المنطقتين، مبينًا أنه في مخيم الفارعة حتى لو كان هناك تنسيقًا فإن البنية التحتية والطرق مدمرة ومن الصعب على سيارة الإسعاف سلك هذه الطرق والوصول للمرضى والمصابين ومحاولة إخلائهم.

 

مكالمات استغاثة

ووصف عودة الوضع بالصعب للغاية حيث هناك عدد كبير من مكالمات الاستغاثة للحالات المرضية في المنطقة ويحاولون التنسيق لإخراجهم، مؤكداً أن طواقم الإسعاف في هذه تكون المناطق في خطر شديد خلال تحركهم في المنطقتين.

وشدد على أن هذا الاعتداء أصعب بكثير من الاعتداءات السابقة، حيث الحصار مطبق والتعامل مع سيارات الإسعاف لا يوجد به أي احترام للقوانين الدولية، وبخاصة القانون الدولي الإنساني الذي يكفل حماية الطواقم الطبية وتسهيل مهمتهم الإنسانية في جميع الأوضاع والأزمات وبخاصة الحروب والعمليات العسكرية.