الرئيسية » قصص انسانية »
03 آب 2014

عائد البرعي.... ضحية عدم احترام أحكام القانون الدولي الانساني

رائد النمس
تلقى المسعف عائد محمود احمد البرعي (27 عاما) إشارة من جهاز اللاسلكي لسيارة إسعاف تابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وذلك في الرابعة والنصف من مساء يوم السبت الموافق 26/7/2014، تفيد بوجود عدة إصابات بين صفوف المدنيين في شارع المصرين، شرق بيت حانون. وكان عائد وزملائه متأهبون في سيارة الإسعاف في إحدى الطرقات القريبة من الشارع المذكور بناء على خطة الطوارئ التي اعتمدها مركز الإسعاف والطوارئ في شمال غزة، واقتضت توزيع سيارات الإسعاف في اغلب الأماكن لسرعة الوصول للمصابين.


أشار عائد لسائق سيارة الإسعاف بالتحرك فورا لمكان الحدث، فهو منذ أن تطوع في جهاز الإسعاف التابع للجمعية قبل ثلاث سنوات، قد نصب صوب عينيه خدمة المواطنين، وإسعاف وإخلاء الجرحى والشهداء، حيث أصر على العمل خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، رغم توفر عدد كاف من المسعفين والموظفين، إلا انه أبى الجلوس في منزله بجوار زوجته وطفليه اللذين لم يتجاوزا العامين، وانضم لزملائه المسعفين في الهلال الأحمر الفلسطيني.


انطلقت سيارة الإسعاف التي تضم عائد وسائق السيارة، ومسعفا آخر الى مكان الحدث. دقيقتين وكانوا على بعد 50 مترا من شارع المصرين الذي سقطت فيه عدة قذائف إسرائيلية أصابت عشرات المواطنين، امسك عائد جهاز اللاسلكي وابلغ عن اقترابهم من المكان، وقبل أن يكمل حديثه، قام جنود الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق نار كثيفة ومباشرة على سيارة الإسعاف التي يستقلها وزملاؤه، رغم علمهم المسبق بطبيعة عملها الإنسانية.


انحرفت سيارة الإسعاف إلى اليمين قليلا، في محاولة لتفادي أفراد طاقمها الطلقات التي انهمرت عليهم بكثافة، إلا أن دبابات الجيش الإسرائيلي أصرت على إعاقة عملهم الاسعافي مهما كلف الأمر، لتقوم بدون أي رادع أخلاقي بإطلاق قذيفة مباشرة نحو سيارة الإسعاف، حيث أصابت الجهة الخلفية للسيارة، مما تسبب في انفجار ضخم، ألقى بطاقم السيارة إلى الأرض، ما ادى الى اصابتهم بعدة شظايا، وكان أصعبها ما تعرض لها المسعف عائد، حيث أصيب بشظايا قاسية أدت لبتر ساقه على الفور، وشظايا أخرى في يده ورأسه ورقبته.


صعق سائق السيارة والمسعف الثاني وهم يشاهدان عائد ملقى وسط بركة من الدماء، وقد تناثرت أجزاؤه هنا وهناك، حيث القاهم الانفجار بعيدا عن السيارة، فيما وقع هو إلى جانبها.


مرت ثانية واحدة وشرعت المدفعية الإسرائيلية بإطلاق قذائف مجددا نحو سيارة الإسعاف التي تحمل شارة الهلال الأحمر، المحمية دولياً، ولا زال بوقها وضوؤها ا الأحمراللذان يوحين بطبيعة عمل طاقمها الاسعافي ينطلقان على مرأى من جيش الاحتلال، ولكنهما قطعا لم تشفعا للمسعف عائد الذي كان ملقى على الارض وينزف بشدة، أمام لاحتلال، فقد كان يرتكز على سيارة الإسعاف، ويظن أو يتمنى أن تحميه القوانين الدولية التي تنص على احترام وحماية مقدمي خدمات الإسعاف أثناء الحروب.


أصابت قذيفتان سيارة الإسعاف بشكل مباشر، ما أدى لاشتعال النار فيها، وبالمسعف عائد، في مشهد اقل ما يقال عنه، بأنه دموي للغاية. اشتعلت النيران في وقت واحد في سيارة الإسعاف، وفي جسد عائد البرعي الطاهر. اشتعلت وارتفع لهيبهما عاليا أمام دبابات الغدرالإسرائيلية، التي توقفت عن القصف، بعد أن اطمأنت بأنها قد أعاقت عمل المسعفين كما يجب.


شيع أبناء جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني جثمان عائد البرعي، وحملوه على الأعناق الحانقة، دفنوه في مقبرة المدينة. دفنوا ما تبقى من جسده الطاهر، ودفنوا معه احترام تطبيق القانون الدولي الانساني وأحكامه.