الشهيد المسعف محمد الحيلة: سأعيشُ في "هلال" أبي

لو لم تأت الحربُ لكان محمد عريساً يزفُ إلى عروسه، هكذا تخيله والده ووالدته طويلاً، لكنهما ورغم معرفتهما المسبقة بخطورة العمل الإنساني في منطقة لا تحترم فيها الشارات، لم يتوقعا أن يزفَ شهيداً ويدفع حياته ثمناً لعمله الإنساني.
أراد محمد أن يسيرَ على خطى والده المسعف في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني حسن الحيلة، فتعلم الإسعاف والطوارئ في معهد الجمعية في خانيونس، والتحق ملبياً نداء الإنسانية بطواقمها في العام ٢٠٢٢ قبل أن تنتهي مسيرته مبكراً برصاصات إسرائيلية حصدت روحه وسبعة آخرين من زملائه في رفح في الأسبوع الأخير من شهر آذار الماضي.
محمد حسن حسني الكيلة
وُلِد محمد في الرابع من أكتوبر العام ٢٠٢٢، في حي الجنينة بمدينة رفح، أعزب، نشأ وسط عائلته ربته على حسن الأخلاق والقيم الإنسانية، درس الإسعاف والطوارئ في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وعمل فيها.
سعى محمد ليتبع خطى والده المسعف، كان مغرماً بزي الهلال وشارته، مفتوناً بالعمل الإنساني، حين كان طفلاً كان يلعب مع أقرانه ويتقمص دور المسعف، حيث جذبته طبيعة العمل الإنساني منذ نعومة أظافره.
تجربة النزوح
خلال حرب الإبادة على غزة، واصل محمد عمله بلا كلل، متحديًا المخاطر التي تعرضت لها الطواقم الطبية، كان يتوجه بشجاعة إلى مناطق القصف حيث توجد الأشلاء والحالات الحرجة، مكرسًا نفسه لإنقاذ الأرواح.
وعائلته، التي كانت تقطن في حي الجنينة، نُزحت اليوم إلى خيمة في مواصي خان يونس بسبب التصعيد المستمر.
سند شقيقاته
يقول والده حسن: "محمد رجل طيب وحنون جدًا على إخوته وأخواته، وكان يرغب في الزواج، ولكنه قضى شهيدًا خلال مهمة إنسانية، وعلى الرغم من المكافأة المتواضعة المخصصة له كمتطوع في الهلال الأحمر، كان محمد يخصص مبلغًا لكل من شقيقاته الأربع".
عبر محمد عن حبه لمجال الإسعاف، ولطالما كانت لديه رغبة دائمة في خدمة الناس، حيث يقول والده: "خدمة الناس شيء ليس سهلاً، سواء في الدين أو الحياة، إنه أسمى المعاني أنك تساعد من يحتاج إلى مساعدة."
ويروي والده أن ابنه محمد كان واعياً لما يعيشه من مخاطر، وكان دائما يقول: ""العمل الذي نؤديه هو عمل إنساني، ومن الصعب القول إنني سأخرج لأموت، فهذا بيد الله، لكن حياتنا كلها مخاطر."
تلقف محمد مسيرة والده وحبه للإنسانية وسار نحو مهامه وواجبه بثبات، إلى أن لقي حتفه برصاصات إسرائيلية لم تحترم الشارة الدولية، وكأنه كان يقول: "سأعيش في "هلال" أبي لو كلفني ذلك حياتي"، وهو ما حدث.