أخيراً ... عزيزة بين يدي الهلال الأحمر

تعذّر على طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني، بسبب الحصار الخانق المفروض على شمال رفح، إجلاء المسنة عزيزة سليمان قشطة (70 عامًا) من بيتها في منطقة خربة العدس، رغم محاولات عديدة ومتكررة للدخول عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إذ باءت كل المحاولات بالفشل بسبب رفض الاحتلال ومنعه منح الإذن للمرور الآمن.
وعاشت عزيزة لسنوات في بيت متواضع مع زوجها الكفيف والمريض، الذي كان بحاجة ماسة لإخلائه وتقديم الرعاية الصحية العاجلة له. ومع اشتداد العدوان الإسرائيلي وتدمير البنية التحتية، باتت بلا ماء ولا طعام، تنتظر بصبر استجابة لمحاولات التنسيق التي لم تنجح. وخلال فترة الانتظار، تدهورت حالته الصحية وتوفي بين يديها، ولم تتمكن من توديعه بالشكل اللائق أو طلب المساعدة، واضطرت لدفنه وحدها، لتواجه بعدها ظروفًا إنسانية قاسية.
استمرت محاولات الطواقم الوصول إليها من عدة اتجاهات، لكن الاحتلال أغلق الطرق مرارًا، ومنع أية إمكانية للوصول إليها، وعندما استنفدت عزيزة كل طاقتها، قررت المجازفة، فحملت راية بيضاء وسارت باتجاه نقطة تمركز للجيش، على أمل أن تصل إلى مكان تلتقي فيه طواقم الهلال الأحمر، وبعد تفتيشها وإعادة أوراقها، تم توجيهها للسير لمسافة طويلة، فتابعت طريقها المنهكة وحدها حتى وصلت إلى نقطة استطاع الهلال الأحمر الوصول إليها.
وكانت طواقم الهلال بانتظارها، فتم نقلها فورًا إلى مستشفى الأمل في خانيونس التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، حيث تلقت الرعاية الصحية اللازمة بعد أن وصلت وهي في حالة من الإعياء الشديد والجفاف.
تجربة عزيزة ليست حالة فردية، بل واحدة من مئات القصص التي تتكرر يوميًا في مناطق محاصرة تُمنع فيها طواقم الإسعاف من الوصول لمن يحتاجها. وبين الانتظار والخطر، يتساقط الضحايا بصمت.
رغم ذلك كله، يواصل الهلال الأحمر الفلسطيني أداء واجبه الإنساني، متحديًا العقبات وسياسات المنع، في محاولة لإنقاذ من تبقى على قيد الحياة. فوجوده لم يعد مجرد استجابة طبية، بل شريان حياة أخير في زمن الموت البطيء.