الرئيسية » الأخبار »
11 تشرين الأول 2010

"كيفَ تكون قائداًً" .. محور ملتقى دولي نظم في الهلال الأحمر

رام الله-اختتمت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ومركز التعاون المتوسطي، ملتقى دوليا دولية حول القيادات الشابة، استمر سبعة أيام، وشارك فيه سبع وعشرون شابا وشابة، من الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر في فلسطين، وإسبانيا، وإيطاليا، وفرنسا، ومؤسسة التعاون المتوسطي.


وافتتح الملتقى بكلمة رحب فيها الدكتور يونس الخطيب رئيس الجمعية بالمشاركين المحليين والأجانب، وأكد شكره العميق لمركز التعاون المتوسطي على اختيارهم فلسطين لتنظيم هذه الفعالية فيها، والتي تعطي فرصة ثمينة للشباب الفلسطيني لتنمية قدراتهم، وتبادل الخبرات والمهارات لما فيه مصلحة جمعيتهم ووطنهم.


وناقش الملتقى دور الشباب في المجتمع، والتعامل مع الأزمات، ودور الشباب كعامل من عوامل التغيير في المجتمع، وسياسة الشباب والمتطوعين، ودور الشباب في الحركة الدولية للصليب الأحمر الهلال الأحمر.


وعبر العديد من الأنشطة والألعاب الشبابية، عرج المشاركون على مهارات القدرة على التغيير، والقانون الدولي الإنساني، ومهارات بناء الفريق، وكيفية عمل وقيادة حملات التوعية، تخللها العديد من التدريبات والأنشطة التدريبية.


واعتمدت التدريبات التي قام بها مدربون مختصون من مؤسسة التعاون المتوسطي، التي تأسست من قبل الصليب الأحمر الإسباني في العام 2005، على أنشطة تعليمية، من خلال تقسيم المشاركين إلى فرق مختلفة، وابتكار مشكلة مفترضة، واختلاق الحَل.


وفي هذا الإطار تقول منسقة الملتقى روبيرتا فوساكيا: "كان يتم منح المشاركين فرصة العمل على موضوع معين، بعد تقسيمهم لمجموعات، وترك المجال لهم لوضع خطة كاملة للموضوع، بكافة تفاصيلها، وعرضها على زملائهم الآخرين، وخلق نقاش حولها".


وأضافت: "أتاحت هذه الطريقة في عرض الآراء، فرصة للمشاركين لإعطاء آرائهم، وحفزت لديهم القدرة على الخلق والإبداع، من خلال استخراج طاقاتهم وتحفيزهم على التفكير السليم، من خلال تبادل الخبرات، كون المشاركين من دول مختلفة".


وهو ما أشار إليه الإسباني أنتيجو كونزاليس الذي أشار إلى أن المشاركة في الملتقى أثرت تجربته الشخصية في مجال القيادة الشابة، وقدرة الشباب على إحداث تغيير ايجابي في المجتمع، مشيدا بالأجواء الايجابية التي سادت المؤتمر.


وتناول مستوى الشباب الفلسطينيين المشاركين في الملتقى بالقول: "تمتع الشباب الفلسطينيون بقدرة كبيرة على المناقشة والحوار، ولديهم معلومات قيمة في مجال القيادة الشابة، كنا لا نملكها في بلدنا، رغم أننا قطعنا شوطا طويلا في هذا المجال".

طبيعة المؤتمر

وتخلل الملتقى عرض عن دور الشباب في الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، من خلال أنشطة متنوعة، أعطي للشباب الفرصة عبرها، لاستعراض ما تقوم به جمعياتهم الوطنية في إطار خطط وبرامج الحركة الدولية.


وإضافة لتوعية المشاركين في مجال القانون الدولي الإنساني، وما يتخلله من حقوق لأعضاء الحركة الدولية، وللمواطنين وبخاصة في أوقات النزاعات المُسلحة، وما لفلسطين من ظروف خاصة، تتطلب المعرفة التامة بالقانون الدولي.

وتهدف المؤسسة من خلال هذا النوع من الفعاليات، إلى تبادل الخبرات بين الشباب الاوروبيين ونظرائهم في العالم العربي، والنظر إلى الإختلافات من زاوية ايجابية، وهو ما أكدته فوساكيا قائلةً: "ننظم أنشطة مختلفة في الشرق الأوسط، وقد نظمنا مؤتمرات سابقة في المغرب وتركيا، ونسقنا لهذا المؤتمر مع د. يونس الخطيب رئيس جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني، وجئنا بالشباب الأوروبيين إلى هنا، ليتبادلوا الخبرات مع الشباب الفلسطيني".


وأشادت بالقدرة العالية التي أظهرتها كوادر جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، في مجال التنظيم والتنسيق في كل ما يتعلق بفعاليات الملتقى، مثنيةً على التميز الذي ظهر به المشاركون الفلسطينيون، ما أثار إعجاب المشاركين الآخرين.

العلاقات الوطيدة بين جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، أثمرت عن تنظيم هذا الملتقى في فلسطين، رغم الصعوبات الكبيرة التي واجهت الموضوع، نظرا لعدم مقدرة دول عربية كثيرة، وبخاصة في الشمال الإفريقي على المشاركة.


وفي هذا الإطار يقول ستيفن جالبين، أحد المدربين في مؤسسة التعاون المتوسطي: "اللقاء جاء ثمرة جهود قام بها رئيس الجمعية د. يونس الخطيب، ونتيجة للعلاقات الجيدة جدا التي تربطنا مع الهلال الفلسطيني، صممنا على تنظيم المؤتمر رغم قلة الدول المشاركة، نظرا لظروف الاحتلال هنا".


وعاد للتاكيد على تميز المشاركين الفلسطينيين، وما يمتلكوه من قدرات، لافتا إلى انهم كانوا مشاركين فعالين، رغم الصعوبات القليلة التي ظهرت من حيث اللغة، إلا أنهم استطاعوا محاورة نظرائهم من فرنسا وإسبانيا وإيطاليا بشكل جيد جداً.

أنشطة وفعاليات متنوعة


وتخلل الملتقى العديد على الأنشطة والفعاليات المتنوعة، والتي شجعت التبادل الثقافي والحضاري بين العالم العربي وأوروبا، وعززت معرفة المشاركين بعادات وتقاليد ومنتوجات كل بلدٍ على حده، وما يرتبط بها من فلكلور وتاريخ.

وأجمل فقرات هذا النوع من الأنشطة، كانت عرسا شعبيا فلسطينيا، نظمه المشاركون الفلسطينيون زينته الفتيات الفلسطينيات بأثوابهن المُطرزه، وأضفى عليه الشباب الفلسطينيون بلباسهم التقليدي، وكوفياتهم جوا من الحماسة والإثارة.


وبدأت فعاليات العُرس تجسيدا لما يحدث في الواقع، فالعروس تزينت بالثوب الفلسطيني، وانتظرت قدوم عريسها "بالدماية" والكوفية والعقال، فيما بادرت زميلاتها الفلسطينيات بالزغاريد، وانطلقت الزفة، تجاه معرض لمنتوجات من كل دولة شاركت في الملتقى.


وفي المعرض، تميزت الزاوية الفلسطينية بالمنتوجات الفلسطينية المتنوعة، ومطرزات، ومأكولات، وأدوات تراثية، فيما عرض الفرنسيون والإيطاليون والإسبان ما استطاعوا حمله من دولهم، وما اعتقدوا أنه يعبر عنها ويمثلها خير تمثيل.

العرس الفلسطيني والمعرض الحُر، نالا إعجاب المشاركين الأجانب، وهو ما اكدته الفرنسية كارولين سويسبي، بالقول: "العرس الفلسطيني كان رائعا جدا، تفاعلت كثيرا معه، وتم العرس بطريقة جميلة، والمعرض كان مميزا أيضا".


وأضافت: "لقد كانت رحلة سعيدة جدا، المؤتمر كان مميزا، والفعاليات كانت رائعة ومفيدة، وفلسطين أيضا كانت رائعة رغم كل ما تمر به من ظروف، لقد كان امتزاج الثقافات المختلفة مميزا ورائعا، وتم بطريقة جميلة".

وهو ما أشار إليه زميلها الإيطالي، بيترو مريانو، بالقول: "كل شيء كان جميلا، فعالية العرس الشعبي الفلسطيني كانت جميلة جدا، كل شيء جميل، الموسيقى والتراثيات، والزاوية الفلسطينية كانت الاجمل في معرض المتوجات".

وعن الملتقى أشار إلى أنهم هناك في إيطايا كانوا يتعلمون نظريا عن التدخلات الإنسانية، وما يمكن أن يقوم به الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر، إلا أنه عندما جاء إلى فلسطين، عاش ذلك بشكل واقعي، نظرا لوجود الاحتلال.

زيارة ميدانية

وتخلل الملتقى زيارة لمدينة بيت لحم، أطلّع خلالها المشاركون على ممارسات الاحتلال من حواجز وجدار، واشتملت على زيارة لكنيسة المهد، ولبرك سليمان، ولفرع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في المدينة.


والتقى المشاركون رئيس فرع الجمعية في المدينة د. محمد رزق، وقدم لهم شرحا عن الظروف التي تعيشها مدينته، وأبرز الأنشطة والفعاليات التي تقدمها الجمعية، وتحديدا في مجال الشباب والتطوع، وما قطعته في هذا المجال.


وحضرت مدينة الخليل، التي حالت إجراءات الإحتلال دون زيارتها، عبر عرض مصوّر قدمه وليد أبو الحلاوة من لجنة إعمار الخليل، تخلله العديد من المعلومات القيمة عن ما يمارسه الاحتلال ومستوطنوه ضد المواطنين الفلسطينيين.


وعن الزيارة قالت الفرنسية ماري روخيت، "كانت رحلة بيت لحم مميزة جدا، فيها الكثير من المعاني التاريخية، كما أطلعنا على الأنشطة والفعاليات التي يقوم بها فرع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في بيت لحم".


وأبدت إعجابها الشديد بالعرض الذي قدمته لجنة إعمار الخليل، وما تخلله من صور وخرائط، قائلةً: "الوضع في الخليل صعب جدا، هناك انتهاكات لحقوق الإنسان، وهناك الكثير من الحقائق لم نكن نعرفها، وما نراه في الإعلام، يختلف كثيرا عن الوضع على الأرض".


الوضع على الأرض لم يزعج ماري وحدها، بل قال زميلها الإيطالي أنطونيو ديمبيترو: "إن الوضع في فلسطين أشبه بالحبس في صندوق كبير، حيث يوجد هنا الكثير من الضحايا نتيجة للجدار والحواجز، ورغم ذلك يوجد أمل كبير وإصرار على الحياة".

المشاركة الفلسطينية

اسلوب المدربين المختصين من مؤسسة التعاون المتوسطي، نالت إعجاب المشاركين جميعا، باعتمادها على الألعاب التربوية في إيصال المعلومة بالطريقة السهلة والسلسة والصحيحة، وتقسيم المشاركين إلى مجموعات.


وأبدى المنظمون والمشاركون الأجانب إعجابا كبيرا بما يمتلكه المشاركون الفسلطينيون من قدرات كبيرة، رغم الصعوبات والظروف الخاصة التي يعيشونها، وعبروا عن سعادتهم الكبيرة لزيارتهم لفلسطين، واختلاطهم بأبنائها.

الفسلطينيون الأحد عشر، القادمون من غزة ونابلس وطولكرم والخليل والقدس وبيت لحم، أوضحوا أن المؤتمر أثرى تجربتهم كثيرا في مجال القيادة الشابة وما تخللها من مهارات وقدرات على التعامل مع مختلف الأمور.


وهو ما أشار إليه عدي الطنيب، قائلا: "الملتقى شكل نقلة نوعية في تعزيز مهاراتي في مجال القيادة الشابة، وهناك الكثير من المعلومات التي تتعلق بالتغيير المجتمعي، ومهارات التواصل والاتصال، وإدارة الأزمات، لم نكن نعرفها مسبقا".

وأشاد بما يمتلكه مدربو مؤسسة التعاون المتوسطي من قدرات، وبأسلوبهم في توصيل المعلومة عبر التدريبات والتمرينات التي تعتمد على الأسلوب التفاعلي، قائلا: "كنا نتفاعل جدا، كانت المعلومة تصل إلينا دون عناء".


ولفت الطنيب إلى أن تقسيم المشاركين إلى مجموعات ضمت شبابا من دول مختلفة، ساهم في التعرف على طريقة التفكير في كل منطقة، وما يستخدمه الشباب من فعاليات وأنشطة، والطرق التي يتبعونها في مجال الدعاية والتوعية.

زميلته نفين شعراوي أشارت إلى أن جُلَّ الاستفادة من هذا الملتقى هي الأساليب الجديدة التي اتبعها المدروبن في التدريب، إلى جانب تبادل الخبرات بين الشباب الفلسطينيين والاجانب، وتبادل الثقافات والأنشطة.


وأشادت بما يتمتع به زملاؤها الأجانب من قدرات كبيرة في مجال التفاعل والحوار، والاتصال والتواصل، إلى جانب معرفتهم بالكثير من الأمور السياسية والإنسانية، وعمل جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.

النتائج: كيفَ تكون قائدا ناجحا

وأضافت شعرواي إلى أن الملتقى أثرى تجربتها وزملائها جميعا من فلسطينين وأجانب، وبخاصة في مجال مهارات القايدة الشابة، وما يجب ان يتمتع به الشاب القيادي والمبادر في العديد من المجالات التي تعترض سبيله.


وقالت: "اكتسبنا الكثير من المهارات والخبرات، وتبادلنا الأساليب وطرق الأنشطة، وتحديدا في ما يتعلق بنشاطنا وتطوعنا في جمعياتنا الوطنية، ودور الشباب فيها، والنتيجة في النهاية، هي أننا تعلمنا كيف نكون قادة، ومحور المؤتمر كان: كيفَ تكون قائدا".


وهو ما عادت منسقة الملتقى من مؤسسة التعاون المتوسطي روبيرتا فوساكيا للتأكيد عليه بالقول: "برنامج القايدات الشابة من البرامج المهمة والفعالة التي تعمل مؤسستنا عليها، من خلال مدربيها المؤهلين، ومن خلال الاعتماد على تبادل الخبرات والمهارات بين أوروبا والعالم العربي".

وأضافت: "بعد الأنشطة والتدريبات العملية، التي تتبع المحاضرات والعروض النظرية، والتفاعل الذي ساد المؤتمر لمدة أسبوع كامل، كان لا بد في أن تؤدي جهودنا وجهود المشاركين ثمارها، في إثراء تجربتهم وتجربتنا في هذا المجال".


وهو ما أشار إليه المشارك الايطالي بيترو مريانو، بالقول: "يعد هذا المؤتمر من أبرز مشاركاتي خارج إيطاليا، وقد اكتسبت العديد من المهارات والخبرات الجديدة، وأضفت إلى معلوماتي الكثير من الأشياء، سيكون لها الأثر الكبير في عملي التطوعي والشبابي".

"كيفَ تكون قائدا"، محور ملتقى الشباب الذي جاء ثمرة لتعاون الهلال الأحمر الفلسطيني مع مؤسسة التعاون المتوسطي، استفاد منها الشباب المشاركون على مدار أيامٍ سبعة، تبادلوا خلاله الخبرات وراكموا المهارات.