البيرة- استطاعت الطالبة أسماء عنقاوي، من مدرسة مركز الاتصال التام، التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، اجتياز امتحان شهادة الثانوية العامة بنجاح، والحصول على معدل 76.2 في الفرع الأدبي، لتكون أول طالبة صماء تجتاز هذا الامتحان في فلسطين.
وإنطلاقا من حقها بالتعليم، أسوةً بأقرانها في المدارس الحكومية والخاصة، وعلى أمل النجاح والالتحاق بالجامعة، خاضت أسماء التجربة، وبرهنت للمجتمع أن إعاقتها السمعية، لم تقف عائقا أمام طموحها بإكمال دراستها.
وشكلت أسماء، ومنذ التحاقها بجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في العام 1993، نموذجا للإصرار والتحدي والتصميم على النجاح، وخاضت مع زميلتين أخريين التجربة، فحالفها الحظ، لتبرهن للمجتمع أن إعاقتها السمعية لا تعني بأية حال من الأحوال إعاقة عقلية.
ومن جانبه، أكد د. يونس الخطيب، رئيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، خلال تكريمه للطالبة عنقاوي، على أن نجاح أسماء، ليس نجاحا لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، فحسب، وإنما نجاح للمجتمع الفلسطيني، على طريق دمج ذوي الإعاقة، ليكونوا أعضاءً فاعلين ومؤثرين في المجتمع.
وأشار إلى أن هذا الإنجاز يأتي دليلا وبرهانا، على نجاح سياسة الجمعية النابعة من مبادئها، في احتضان ذوي الإعاقة، وتخصيص أبرز البرامج والإمكانيات، من أجل تعليمهم وتأهيلهم، ليتجاوزوا إعاقتهم، ويحققوا النجاح.
وأكد د. الخطيب، أن الجمعية ستواصل اهتمامها بهذه الفئة من مجتمعنا الفلسطيني، وستعزز برامجها وأنشطتها على طريق تأهيلهم، ومساعدتهم على الانخراط في المجتمع، متمنيا للطالبة عنقاوي مزيدا من التقدم والنجاح في رحلتها الجامعية.
بدورها أكدت عنقاوي، التي لم تتمالك نفسها من الفرح، على أن نجاحها يأتي ثمرة لجهد كبير بذلته خلال سنوات طويلة، وبدعم من أهلها، وأسرة مركز الاتصال التام في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، معبرةً عن سعادتها الكبيرة بهذا الإنجاز.
وأشارت، عبر إحدى مدرساتها التي ترجمت لغة الاشارة، إلى أن نجاحها، رغم الصعوبات التي واجهتها، يعد رسالة للمجتمع بشكل عام، وللطلبة الصم بشكل خاص، على أن الصم قادرون على إتمام تعليمهم ودراستهم أسوة بأقرانهم.
ولفتت عنقاوي إلى أن لدى الطلبة الصم قدرات عقلية كبيرة، داعيةً زملائها وزميلاتها إلى السير على طريقها، وإكمال مسيرتهم التعليمية، ومتمنيةً على أفراد المجتمع بذل مزيد من الاهتمام بهذه الشريحة، متنميةً أن يكون عدد الناجحين في السنوات القادمة أكبر.
وحول مسيرتها التعليمية بعد النجاح في الثانوية العامة، أعربت عنقاوي عن أملها في أن تدرس اللغة الإنجليزية، أو الجغرافيا في جامعة بيرزيت، وأن تصبح معلمة للطلبة الصم، كي تساعدهم على الوصول إلى مراحل تعليمية متقدمة.
وفي هذا السياق، أشارت سهير بدارنة، مديرة مركز الاتصال التام في الجمعية، إلى أن الجمعية ستساعد الطالبة عنقاوي للدراسة في الجامعة، من خلال العمل على توفير مترجم إشارة، طيلة سنوات دراستها الجامعية.
و لفتت إلى أن هذا الإنجاز يعد نجاحا لفلسطين، كونها أول طالبة نظامية في مدرسة للصم، تنجح في اجتياز امتحان الثانوية العامة، مما يعطي دفعة كبيرة لكل العاملين في مجال التأهيل وتنمية القدرات، نحو مزيد من الاهتمام بهذه الشريحة، وصولا لدمجها في المجتمع.
وأكدت بدارنة على أن هذا الأنجاز سيساهم في تغيير نظرة المجتمع تجاه ذوي الإعاقة، ويعطي دفعة كبيرة للمجتمع بشكل عام، وللأهل بشكل خاص للاهتمام بتعليم أبنائهم ذوي الإعاقة، والايمان بقدراتهم وصولا إلى تحقيق النجاح.
من جانبها، أكدت المعلمة سوسن أسعد، التي درست أسماء اللغة العربية، وواكبت نجاحاتها ابتداءً من الصف السابع في مدرسة الصم، على أن نجاحها يعد ثمرة لجهودها، وجهود معلماتها وطاقم الجمعية، ويدلل على أهمية العمل الكبير الذي قامت به وزميلاتها وزملائها على مدار العام، والأعوام السابقة.
وأشارت إلى أن اسماء كانت على مدار رحلتها في مدرسة الاتصال التابعة للجمعية، مثالا للطالبة الجادة والمجتهدة، لافتةً إلى روحها التطوعية العالية، في مساعدة زملائها الصم، وزميلاتها في الصف.
وهو ما أكدته والدتها عزيزة عنقاوي، الأم لخمسة أبناء صم، حين أشارت إلى الجهد الكبير الذي بذلته ابنتها خلال مسيرتها التعليمية، لافتةً إلى أنها كانت واثقة جدا من نجاحها، معربةً عن فخرها الكبير بنجاحها ونتيجتها الايجابية.
وشكرت عنقاوي أسرة جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بشكل عام، وأسرة مدرسة الاتصال التام بشكل خاص، على الجهود الكبيرة التي بذلت مع ابنتها، داعيةً الأهل إلى مزيد من الاهتمام بأبنائهم الصم، ومساعدتهم على إكمال مسيرتهم التعليمية.
يذكر أن الطالبة أسماء عنقاوي، تقدمت لامتحان الثانوية العامة، إلى جانب طالبتين أخريين، لم يحالفهما الحظ في النجاح.
ويشار إلى أن برنامج الاتصال التام في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ومركز الصم، يضم إلى جانب المدرسة، برنامجا متكاملا في مجال تأهيل الصم ودمجهم في المجتمع، من خلال برامج توعية مجتمعية، وبرامج نشر لغة الإشارة، وبرامج تأهيلية لذوي الصم من أجل التعامل الإيجابي معهم، وبرامج لتدريب المدرسين الذين سيتعاملون معهم، وطلبة الجامعات من ذوي التخصصات ذات العلاقة في هذا المجال.
علماُ أن عدد طلاب مراكز الصم التابعة لدائرة التأهيل في الجمعية يبلغ 327 طالبا وطالبة، موزعين على أربعة مراكز، في رام الله، ونابلس، وبني نعيم ( في الخليل)، وغزة.