اف ب- تحوّل مستشفى القدس في غزة مساء الخميس إلى جحيم حقيقي بعدما اندلعت فيه النيران إثر إصابته بقذيفة إسرائيلية، حيث عمه الذعر وسط محاولة مئات الـمصابين واقربائهم الفرار.
واضاءت ألسنة اللهب التي التهمت الـمبنى قسما من حي تل الهوى الغارق عادة في ظلـمة دامسة بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وقام الاهالي باجلاء مرضى ومصابين ما زالوا ممددين على أسرة نقالة، فيما نقل ما لا يقل عن ثلاثة اطفال ولدوا قبل الاوان وكانوا داخل حاضنات إلى الشارع لانقاذهم من الحريق.
وحاول بعض الاطباء ابقاء رجل في قسم الانعاش على قيد الحياة فوضعوا قناع اكسجين على وجهه، فيما كانت قطع حطام مشتعلة تتساقط ارضا من حولهم وسط دوي اطلاق النار والقصف الإسرائيلي، وبعد لحظات انهار سطح الـمستشفى قاذفا في السماء الاف ألسنة النار.
وصاح رجل في الثانية والاربعين من العمر يدعى محمد حسني "هذا فظيع"، واضاف وهو يحاول الهروب برفقة ابنته البالغة من العمر سبع سنوات وزوجته الـمنتحبة "انني خائف على عائلتي"، وكان حسني قصد الـمستشفى صباحاً برفقة زوجته وابنتهما هربا من قذائف الدبابات التي كانت تنهمر على حيهم لكنهم كادوا يقضون بين ألسنة نيران هائلة.
وصاحت امرأة مسنة وهي تتمسك بابنها "اين يأخذوننا؟ اين نذهب الان؟ سوف يطلقون النار علينا".
وقال طبيب الطوارئ الفرنسي ريجيس غاريغ رئيس منظمة (هيلب دوكتورز) غير الحكومية التي تعمل في غزة: "إن ما لا يقل عن مئتي شخص لجؤوا إلى الـمستشفى هرباً من الـمعارك".
واندلع حريق صباحاً في الـمستشفى التابع للهلال الأحمر الفلسطيني وفي مكاتبه الادارية الـملاصقة اثر اصابته بقذيفة إسرائيلية.
وتم في بادئ الامر احتواء الحريق في جناح الـمرضى لكن النيران استعرت في الـمبنى الاداري.
وقال مسؤولون في الـمستشفى ان الحريق نتج عن "قذائف فوسفورية".
وقال غاريغ "ان الإسرائيليين يقصفون ويهاجمون محيط الـمستشفى بكامله. لا يمكننا الخروج، هناك حريق ونحن محتجزون في الداخل، والـمياه مقطوعة".
وروى "في الساعة العاشرة من مساء اليوم السابق (الاربعاء) تعرضنا لقصف في غاية العنف حول الـمستشفى. كان القصف متواصلا، سيل من القنابل انهمر علينا منذ تلك الساعة وحتى الساعة الساعة الثامنة او التاسعة من صباح اليوم التالي (الخميس)".
وقال: "كان القصف يقترب كثيرا وفي الساعة 54:01 صباحا بالتوقيت الـمحلي على ما أذكر، سقطت قذيفة على الـمستشفى".
وأضاف: "انهارت الصيدلية، حيث كنت في الطابق الثاني، ومعها جناح كامل من مبنى آخر، ودب الذعر بين الناس الذين كانوا في الـمستشفى، لا سيما الـمرضى وعائلاتهم، إذ بدأت النيران تشتعل في الـمبنى. لا يمكنني أن أصف لكم حالة الهلع التي سادت عندها".
وبدا الطبيب بشار مراد محبطاً وعاجزاً حيال ما يجري، وقال: "لدي ثلاث جثث على مسافة 500 متر من هنا لكنه لا يمكنني نقلها ولدي ايضا عدة جرحى على مسافة كيلومتر ولا يمكنني التنقل دون اذن وسيارات الاسعاف كان عليها انتظار الضوء الاخضر من الجيش الإسرائيلي قبل ان تحاول الخروج".