الرئيسية » قصص انسانية »
28 تشرين الثاني 2024

مرور سنتين على رحيل المناضلة الانسانية د.جين كالدر

توفيت الراحلة د. جين كالدر في مثل هذا التاريخ (28/11/2022) في مدينة خان يونس في قطاع غزة، جراء مرض عضال ألم بها، ودفنت في مدينة غزة وسط حشد من كوادر ومتطوعي جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني والعشرات من أبناء وبنات القطاع.

والراحلة استرالية الجنسية ولدت في عام 1936 وتحمل شهادة الدكتوراة، في تخصص الأنشطة الترفيهية التي تستهدف الأشخاص ذوي الاعاقة، وعملت محاضرة في كلية التربية الخاصة، قسم التربية البدنية في احدى الجامعات الاسترالية.

تطوعت في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان عام 1981، وانتقلت من لبنان الى القاهرة ثم الى قطاع غزة، وكرست حياتها لخدمة الأشخاص ذوي الاعاقة، وبخاصة الأطفال، وساهمت بفعالية في تأسيس كلية تنمية القدرات التابعة للجمعية في مدينة خان يونس وأصبحت بالتالي عميدة للكلية.

اختارت الراحلة الدروب الانسانية، بعيدا عن حياة الرفاهية، وهي تحمل قيما انسانية، وتؤمن بمقولة: "من يعمل مع الأشخاص ذوي الاعاقات لا بد أن يعمل بعقله وقلبه" وهو ما طبقته في عملها التطوعي في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.

لقد عشقت المرحومة فلسطين وشعبها، وانحازت بقلبها وعقلها وانسانيتها لأبنائها طيلة واحد واربعين عاما من مسيرتها التطوعية في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وعاشت اجتياح الاحتلال الاسرائيلي للبنان في العام 1982 وحصار بيروت. وفي هذا الأمر قالت في احدى المقابلات الصحافية: "بيروت هي الأصعب في حياتي، حيث تفوح في شوارعها رائحة الحرب وكنت على بعد امتار من الموت، عندما خرجت من الملجأ الذي كنت فيه لجلب بعض الحاجات من سطح الملجأ، واذا بقذيفة كادت تصيبني لولا اختبائي في احدى الزوايا".

وكانت المرحومة شاهدة على مذبحة مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت وما اقترف بحق سكانهما، وذهب ضحيتها اكثر من 3500 شهيد. وعن تجربتها التطوعية في هذين المخيمين قالت المرحومة: "طوال الوقت كنا نختبئ في الملاجئ، ومحاصرين من الموت، وأقوم بمساعدة المحتاجين. وعندما فك الحصار صدمنا مما رأينا.. المشاهد كانت مؤلمة حقا، ولكن لم أيأس أو أحبط.. كنت أعلم أن اختياري سيكون في  ظروف صعبة، ولكني استطعت التكيف وسط الحرب وأقوم بعملي".

لقد استفادت الراحلة من تجربتها التطوعية تلك عندما انتقلت الى فلسطين، وتحديدا إلى قطاع غزة، وشهدت المآسي التي عاشها أبناء القطاع جراء الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على أبنائه وبناته، وواصلت اهتمامها بذوي الاعاقة وتقديم كل ما يلزم للنهوض بهم لمواجهة حياتهم الصعبة. كما واصلت اهتمامها بالأطفال المعاقين الثلاثة (بدر وحمودة ودلال) الذين فقدوا أسرهم في لبنان وأحضرتهم معها الى قطاع غزة واعتنت بهم حتى اصبحت دلال تحمل شهادة الدكتوراة وتعمل محاضرة في كلية تنمية القدرات التابعة للجمعية في خان يونس، اما الطفلان الآخران فاحدهم توفي في خانيونس والآخر تزوج ويعيش مع اسرته في المدينة.

لقد كرمت الراحلة في مناسبات عديدة من قبل المؤسسات الرسمية والأهلية الفلسطينية على جهودها التطوعية. وكان التكريم الذي أثلج صدرها هو حصولها على جائزة وسام استراليا (AC) بمناسبة يوم استراليا لعام 2005 ل "الخدمة الانسانية التي قدمتها للأشخاص ذوي الاعاقة الذين يعيشون في مخيمات اللجوء في لبنان وقطاع غزة" وهو أرفع جائزة تقدمها استراليا لمواطنيها. وعلقت المرحومة على ذلك قائلة: "أنا لا أعمل كي أكرم أو أحظى بجوائز تقديرية، وانما أعمل بما يمليه علي ضميري وانسانيتي".

رحم الله الفقيدة التي بقيت حاضرة في أذهان كوادر ومتطوعي جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وكانت وستكون نبراسا نهتدي به في عملنا الانساني لصالح شعبنا الفلسطيني ولكل محتاج.