رام الله – شكلت "كوفيد 19"، تحديا من نوع خاص بالنسبة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وطواقمها، التي اعتادت، عموما على التعامل مع شتى الأزمات التي واجهت الشعب الفلسطيني، لكنها في هذه المرة وجدت نفسها أمام اشكالية مختلفة عن أي شيء خبرته من قبل، ورغم ذلك فقد تمكنت باقتدار من أداء شتى المهام الموكلة إليها.
ويذكر ابراهيم الغولة، مدير دائرة الإسعاف والطوارئ في الجمعية في الضفة الغربية، أن الجمعية بدأت تحضيراتها لمواجهة الوباء منذ وقت مبكر، بالتنسيق والتعاون مع وزارة الصحة الفلسطينية، ومنظمة الصحة العالمية، حيث تم اجراء تدريب من قبل هاتين المؤسستين لصالح طواقم الجمعية تضمن التعريف بالمرض، وكيفية انتقاله، واجراءات الوقاية وخلافها.
ويقول الغولة: "قمنا بالبناء على التدريب المذكور وطورناه وعممناه على نطاق واسع على كوادر الجمعية بالذات، بينما كان المرض ينتشر في دول الجوار، وبالتالي فكرنا في أمور أخرى مثل اللباس الواقي، الذي عملنا على توفيره. في البدء كان من النوع الذي يستعمل لمرة واحدة، ثم أضفنا إليه النظارات والكمامات والأغطية من أعلى الرأس حتى أخمص القدمين، وصولا إلى لباس الوجه الزجاجي".
ولم تكتف طواقم الجمعية بهذا القدر، بل عمدت إلى احداث اضافات في تصميم سيارات الإسعاف، عبر اجراء تعديلات كفلت فصل حجرة السائق عن المريض، وذلك للوقاية من وباء "كورونا".
ووفقاً للغولة، فقد شملت هذه الخطوة 75 سيارة اسعاف تابعة للجمعية في المحافظات الشمالية والجنوبية، واقترنت ببروتوكولات للتعامل مع الحالات المحتمل اصابتها بالفيروس، بدءاً من استقبال المكالمات، وانتهاء بنقل هذه الحالات إلى مراكز الحجر أو إلى المؤسسات العلاجية مثل مستشفى هوغو تشافيز في بلدة ترمسعيا شمال رام الله.
وقال الغولة:"في البداية شعرنا بنوع من الإرباك، لكن مع اكتساب الخبرة تمكنا من تجاوز الوضع الجديد الذي فرض علينا، وذلك بالشراكة مع العديد من الجهات مثل الإدارة العامة للطب الوقائي في وزارة الصحة التي كنا على تماس مباشر معها، فضلا عن الخدمات الطبية العسكرية، التي وقعنا معها اتفاقية خاصة حول آليات نقل الحالات في شتى المحافظات".
وأضاف: "شكل التعامل مع الحالات المرتبطة بكورونا عبئا اضافيا بالنسبة إلينا، لكنه بالكاد وصل إلى 20 في المائة من هذا العبء، بينما واصلنا نحن مهامنا المعتادة في نقل الحالات الطارئة والحالات التي تعاني من الأمراض المزمنة وغيرها إلى المستشفيات".
بيد أنه لا يخفي أن "كورونا" أضاف بعض الأعباء على عمل الجمعية وطواقمها، اذ تم تجهيز مناطق تعقيم خارج مراكز الإسعاف، كان يتم فيها تعقيم السيارات، والطواقم والمعدات المختلفة.
وقال الغولة: تجربة" كورونا"، تعتبر استثنائية وصعبة. فبالنسبة إلى طواقمنا التي عملت في ظروف غاية في القسوة والتعقيد، مثل فترة الاجتياحات الاسرائيلية ابان الانتفاضة الثانية، والاعتداءات على قطاع غزة وغيرها، فإن "كورونا" يختلف عنها بأنها عدو غير مرئي أو محسوس، ما أوجد حالة من الحذر والارباك، عدا عن الضغوطات الكبيرة سواء على الطواقم الطبية أو متلقي الخدمات".
واستدرك:" لكن مع مرور الوقت باتت الأمور أكثر سهولة ووضوحا، فعبر الممارسة والتعود باتت الطواقم تطبق البروتوكولات والمهام المنوطة بها بفعالية وكفاءة".
وأضاف:"هذه التجربة أكسبتنا الكثير. فمثلا عمدنا إلى توفير كمية من الألبسة الواقية ومعدات أخرى تكفي فترة ستة أشهر في الضفة الغربية، ومثلها في قطاع غزة،وبالتالي فنحن جاهزون للتعامل مع أية مستجدات متعلقة بهذا الوباء مستقبلا".
انتهى.