الرئيسية » قصص انسانية »
11 نيسان 2018

إسعاف رغم الاستهداف

بقلم رائد النمس:

عبد الرازق أبو عاذرة، (34 عاما)، مسعف متطوع في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، منذ عام 2004، وانخرط مع زملائه في فرع الجمعية برفح، لتقديم يد اليد العون والمساعدة لأبناء المحافظة.

في يوم الجمعة الماضي الموافق  (6/4/2018)، توجه المتطوع عبد الرازق إلى الحدود الشرقية لقطاع غزة، برفقة زملائه في مركز الإسعاف والطوارئ التابع للجمعية في رفح، وشرعوا في إخلاء وإسعاف المصابين، جراء قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي، لمتظاهرين مسيرة العودة في أسبوعها الثاني.

كان الجو ملبدا بالدخان الأسود، الذي نتج عن إشعال الإطارات، وغمرت رائحة الغاز الذي أطلقه جنود الاحتلال على المتظاهرين، وكانت أبواق سيارات الإسعاف لا تتوقف عن الزعيق، وهي تتوجه مسرعة في أكثر من اتجاه لنقل الجرحى وإخلائهم. في تلك اللحظات كان عبد الرازق عائدا من النقطة الطبية الميدانية التي أقامتها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ونقلت إليها عددا من المصابين، وعلى بعد نحو 300 متر عن الأسلاك الشائكة التي تفصل قطاع غزة عن دولة الاحتلال، لمح عددا من الشبان يلوحون له بأيديهم طالبين النجدة.

تحرك على الفور بسيارة إسعاف وبصحبته سائق ومستجيب أول من ضباط الإسعاف، فوجدوا حالة تعاني من الاختناق بفعل قنابل الغاز التي تقذفها قوات الاحتلال على المتظاهرين، فقام عبد الرازق بنقلها إلى سيارة الإسعاف، وسط إطلاق جنود الاحتلال للمزيد من القنابل والأعيرة النارية، فشعر بلهيب يخترق أسفل قدمه، وبسخونة بدأت تسري في جسده، فأيقن بان إحدى الطلقات قد أصابته، فتمالك على نفسه، وأشار إلى زملائه بأنه قد أصيب.

ووصف عبد الرازق هذه اللحظات بقوله: "فور معرفة زملائي بأنني مصاب، قاموا بنقلي إلى النقطة الطبية، وخلال السير في الطريق كانوا يقدمون الخدمة الاسعافية لي وللشاب المصاب بالاختناق، الملقى إلى جانبي، وقد أصبحت مصابا مثله للأسف".

وتابع: "في النقطة الطبية، تفقد زملائي مكان الإصابة، فأوقفوا النزيف، وقدموا لي الإسعاف اللازم. وقبل نقلي إلى مستشفى الأمل التابع للجمعية في خان يونس، سمعت صوتاً واهناً لمصاب عاجز عن التنفس، فالتفت إلى جانبي فوجدت طفلا لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره، أصيب بحالة تهيج واختناق، وأيقنت بأنه يعاني من وجود سائل في حلقه يمنعه من التنفس. وهنا نسيت بأنني مصاب، فنزلت عن سريري واقتربت منه وقد عدلت من وضعية رأسه لأتيح له التنفس، ومن ثم قمت بإجراء عملية تنفس صناعي له، وعندما تأكدت من انه عاد ليتنفس بشكل طبيعي، كان زملائي وصلوا وأكملوا عملية إنعاشه، ومن ثم نقلوني إلى المستشفى".

وأضاف: "لا اعلم لماذا أطلق جنود الاحتلال الإسرائيلي النار عليّ، فلقد كنت مرتديا الزي الرسمي الذي يدل على طبيعة عملي الإنساني، وترجلت من عربة الإسعاف التي تحمل شارة الهلال، والتي هي كما يعلم الجميع محمية من الاستهداف بموجب القانوني الدولي الإنساني، وإطلاق جنود الاحتلال الرصاص هدفه إعاقة عملي في خدمة الإنسانية، ولكنني بمشيئة الله سأعود لعملي مجددا، وسأعمل جاهداً لأكون إلى جانب زملائي، لمواصلة تقديم الخدمة الاسعافية لأبناء شعبنا الفلسطيني واي شخص بحاجة لها".

 

انتهى.