الرئيسية » قصص انسانية »
12 شباط 2017

بعد أعوام من العزلة، يعود الطفل سعيد الى اللعب والتعلم

 رائد النمس

تعرض الطفل سعيد الحسيني، عندما كان يبلغ من العمر ثلاثة اعوام، الى حادثة سقوط على الارض ادت الى  انكسار فكه العلوي واسنانه الامامية، ومن ثم صارت تلازمه بين الحين والآخر تشنجات كهربائية، اثرت سلبا في قدرته على المشي،  الى جانب معاناته في التعامل مع افراد عائلته والاصدقاء، وشعوره بعدم التكيف معهم والانطواء.

 

خلال اعوام عديدة، لم تدَخر عائلته أي جهد من أجل علاجه، ومحاولة كسر عزلته، حيث قامت بتسجيله في أكثر من روضة للأطفال، الا ان سعيد لم يستمر في أي منها، بسبب خوفه الشديد، وعدم رغبته في التعلم، او مشاركته الاطفال في اللعب، و لم يكن يستجيب لمعلميه، خصوصا فيما يتعلق بعدم استيعابه للتدريب وشعوره بأن لا فائدة من استمراره في الروضة. هذا الأمر جعل سعيداً منطويا على نفسه، ويخاف الخروج إلى الشارع، وأحيانا يلجأ إلى السلوك العدواني.

حالة الاحباط بدأت تنتقل تدريجيا الى الأهل، الا ان بارقة أمل ظهرت لديهم عندما سمعوا عن حضانة الهلال الاحمر الفلسطيني في خانيونس، التي تولي اهتماما خاصاً للحالات المرضية المشابهة ، خصوصاً وأنها حققت نجاحات عديدة في مجال التعليم والتدريب والدمج مع الاقران، ليسارعوا بالحاق سعيد بها.

 

المعلمة احلام عابد،وهي احدى المشرفات على حالة سعيد في حضانة الهلال الاحمر، تقول: "وصل سعيد الينا بحالة نفسية سيئة جدا، وكان كتير البكاء والصراخ، ويرفض المشاركة في انشطة الاطفال كالموسيقى وغرفة الالعاب والقصص ، وكان يفضل الوحدة والانطواء. شرعنا بوضع خطة تدريبية وتعليمية كاملة له اعتمدت بشكل اساسي على التعلم عن طريق اللعب والرسم والموسيقى والقراءة، مع مراعاة تنفيذ أنشطة معينة لكسر حالة عدم التأقلم، واستخدام برامج متنوعة لدمجه مع اقرانه".

 

وتضيف:  "استجاب سعيد للبرامج التي عملنا عليها واستطعنا تغييره وتعديل سلوكه، ليكون متفاعلا اجتماعيا، وما زلنا نعمل معه لتطوير المزيد من جوانب شخصيته وقدراته، فقد اصبح الان يشارك زملاءه اللعب ولديه استيعاب مختلف عن ذي قبل. فبعد ان كان على سبيل المثال يخاف من صعود الدرج ويقوم بالزحف عليه، اصبح الآن يصعد وينزل عليه بشكل طبيعي".

 

والدة سعيد تصف هذه التجربة بقولها " كان سعيد قبل التحاقه بحضانة الهلال الاحمر، سلبيا جدا داخل وخارج المنزل، و كان يخاف من الخروج الى الشارع، ولديه سلوك عدواني، حيث كان يقوم بضرب الاطفال من الأقارب عند زيارتهم لنا، وقد عرضناه على عدة اطباء ولم يستطع احد منهم علاجه او تعديل سلوكه".

 

وقالت ام سعيد: "الان اصبح يعتمد على نفسه ويستطيع المشي بشكل جيد، ويقوم بالشراء من البقالة بمفرده، ويرد السلام على المارة والجيران، بالإضافة لرغبته المتواصلة في اللعب والتعلم والذهاب الى الروضة، وهذا يعد تطوراً رائعا  في سلوكه، ولن استطيع ان اصف لكم حجم سعادتي عندما يأتي اليَ ليسألني عن حالي، او يحاول التخفيف عني ان كنت مهمومة او حزينة. لقد اصبح يشعر بنا ويلامس واقعنا، بعد عزلة وخوف كان يعاني منهما في السابقز بكل صدق شكرالمسؤولين في الهلال الاحمر الفلسطيني على جهودهم التي بذلوها من أجل سعيد".

 

انتهى.