الرئيسية » قصص انسانية »
24 كانون الثاني 2016

متطوعون في الميدان: أم أحمد من البيت إلى ساحة الحرب

 تروي أم أحمد شملخ عضو لجان التوعية المجتمعية في قرية الشيخ عجلين في قطاع غزة قصتها مع الهلال الأحمر الفلسطيني، وتجربتها في الميدان خلال الحرب على قطاع غزة، وكيف أخذت زمام الأأمور للدفاع عن مجتمعها.

البداية

وتقول: "كانت بداية انضمامي للجنة الأمومة الآمنة فى عيادة خليل الوزير التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني, كنت في ذلك الوقت قد فقدت زوجي لأصبح أرملة ومعي خمسة أطفال كان الابن الأكبر في بداية مرحلة المراهقة، عانيت معه كثيرا حيث المشكلات المتعلقة بطبيعة المرحلة على المستوى الفكري والسلوكي بالإضافة إلى الضغوطات التي كنت أواجهها من قبل المحيط والأقارب والنظرة إلى الأرملة والأيتام كنت أرى نظرة الشفقة والعطف في أعينهم وهذا ما كان يزعجني".
 
 ضاق بي الحال وتوجهت للأخصائية الاجتماعية بالعيادة حيث كنت بأمس الحاجة إلى التوجيه والإرشاد للتغلب على الظروف القاسية التي مررت حينها أصبحت متطوعة في لجان الأمومة الآمنة فتلقيت أنا وزميلاتي باللجنة تدريبات لمدة ثلاث سنوات في الإسعاف الأولي والعديد من المواضيع الصحية والاجتماعية والنفسية في وقت كان من الصعب على أي امرأة بالمنطقة تحدي العادات الاجتماعية التي تفرض على المرأة العمل المنزلي فهي ربة بيت فقط في حين ان النساء بالمنطقة تعاني من التهميش والاضطهاد لهذا السبب كنت اشعر بالمسئولية تجاه النساء فى منطقتي وضرورة إحداث تغيير ومناصرة للمرة من خلال التوعية في كثير من الموضوعات.
 
الثقة
اتسعت الدائرة لتشمل قرى فرعية أخرى في حين تم إعدادنا بشكل جيد ليكون دورنا بارز في التثقيف الصحي والمجتمعي وقد لمست التغيير من خلال سؤال الناس لي ما هو مستواك الجامعي، هل أنت دكتورة بالجامعة، كل هذا زادني فخر وتمسك باللجنة والحرص على المواظبة على العمل المجتمعي، وأصبحت إنسانة لي كيان في المنطقة التي أعيش فيها حيث كنت بمثابة طبيبة في حال إغلاق العيادة كما يقولون عني، حيث تلجأ لي السيدات بالمنطقة لإعطاء الحقن وقياس الضغط والاستشارات الصحية والغيار على الجروح.

 أمدتنا الجمعية بحقائب إسعاف أولي وكذلك تقديم نصائح وإرشادات لكثير من المشكلات الزوجية والاجتماعية والنفسية للسيدات والأطفال بالمنطقة حتى أصبحنا مدربين في المجالات الصحية والاجتماعية. 


كنت اشعر بالمسئولية كمتطوعة وأخذت على عاتقي تبني العمل المجتمعي والمساهمة في تطوير مجتمعنا وتصحيح كثير من السلوكيات والعادات الغير مرغوب فيها.
الحرب وفي إثناء الحروب المتكررة على أبناء شعبنا كان لي ولزميلاتي الدور البارز في التخفيف من المعاناة والضغوط في المحيط إلى حد ما في بداية الحرب الأخيرة كان القصف متواصل والوضع سيء جيدا فكانت تقريبا أقوى الثلاث حروب وأشرسها فكان لنا التوعية في بعض الجوانب التي قد تساهم فى التقليل من الخسائر البشرية والمادية قدر الإمكان تمحورت التوعية في تحضير حقيبة الإسعاف ووضعها في مكان قريب وامن، ووضع الأدوية للإمراض المزمنة وأدوية الأطفال في حقيبة لسهولة الحركة والتنقل، والتوعية عن المكان الأمن للأطفال وشغلهم بالألعاب والرسم والقصص للتخفيف من حالة التوتر والخوف الناجم عن القصف المتواصل.


إلى جانب توعية الجميع بكيفية تقديم الإسعاف الأولى فى حال التعرض للحوادث التي تتطلب تدخلات، والتوعية بالطرق الآمنة للإخلاء.


وفى  وقت قصف مجاور للمنزل استهدف مسجد خليل الوزير كنت أنا و 32 شخص داخل المنزل وعند سماع الصواريخ التحذيرية قمنا بالإخلاء إلى مكان كنا نعتبره أكثر أمانا، وعند سماع الخبر بدأ الأطفال بالصراخ والخوف والهلع قد سيطر عليهم، لكن تمت السيطرة على الخوف والقلق بطمأنة الكبار أولا والتوصية بإتباع التعليمات المتفق عليها من خلالهم لاحتواء الأطفال والاستقرار في المكان الأمن علما انه لا يوجد مكان امن في غزة حيث جمعنا الأطفال وبدأنا نشغلهم في العاب الجوالات والرسم والقصص.

واجهنا مشكلة كبيرة ومزعجة  فى نقص المياه حين النقل اليدوي ثم وضعها في خزانات وتم التوعية عن كيفية ترشيد استهلاك المياه وإعادة استخدام المياه في أغراض التنظيف وضرورة فصل مياه  الشرب عن مياه الاستخدام وكيفية تعقيم المياه.


مراكز الإيواء
ذهبت إلى مركز إيواء قريب من مكان السكن حيث الوضع سيء جدا من حيث تراكم إعداد النازحين والتزاحم عند دخول دورات المياه وكثرة الخلافات، وقمت أنا وزميلتي بتنظيم الدخول إلى دورات المياه وعمل حملة بالتعاون مع إدارة المركز لتنظيف الدورات وعمل جدول للعائلات للتنظيف حيث كان التزاحم بسبب الإهمال لقسم من دورات المياه ما أدى إلى التزاحم على القسم النظيف والتي تقوم بعض العائلات بتنظيفه وهذا سبب الخلافات بين الأسر.


 ومن خلال تنظيم الجدول وتوزيع الأدوار والتوعية حول المخاطر والأمراض الناجمة عن قلة النظافة في المركز تم إمدادنا من قبل الهلال الأحمر بمواد تنظيف تم توزيعها للاستخدام في أغراض النظافة وكذلك التوعية بكيفية التخلص من النفايات المتراكمة في مركز الإيواء والروائح الكريهة المنبعثة منها حيت تم حفر حفرة بعيدة ووضع النفايات فيها وإعادة ردمها حتى لا تنتشر الحشرات والحيوانات والقوارض.

وكذلك قمنا بالتثقيف حول رعاية كبار السن والمرضى المزمنين وتوفير الأدوية اللازمة لهم ورعاية الحوامل والدعم النفسي للأطفال للتخفيف من الضغوط، وبعد انتهاء الحرب قمنا بجلسات دعم نفسي وتفريغ انفعالي للسيدات والأطفال في جلسات تخفيف الضغوط والدعم الذاتي داخل المجموعات .


بالنسبة للأطفال تم تقسيم العمل مع الأطفال إلى نظام زوايا عن طريق الرسم والرياضة والألعاب والقصص ومعرفة مواهب الأطفال، والملاحظ هنا ان اغلب رسومات الاطفال كانت بالقلم الرصاص وكانت تصف الحرب والدمار والقصف مع العلم ان ان الالوان كانت موجودة الا ان الاطفال رفضوا التلوين.


قمت بزيارات منزلية لاهالى المنطقة للاطمئنان على سلامتهم  وتقديم الدعم النفسي والصحي والمجتمعي وخصوصا ذوى الشهداء والجرحى.    

انتهى.