رضوى الحلو
يعتبر نشاط الاسعاف النفسي الاولي، وهو مجموعة من المهارات التي تساعد أفراد المجتمع على رعاية أنفسهم والاخرين عن طريق تقديم دعم نفسي- اجتماعي أساسي، خلال وبعد الأحداث الحرجة أو في حالات الطوارئ، جزءاً أساسياً من برنامج دائرة الدعم النفس اجتماعي في الجمعية، التي تؤمن باستحالة الفصل بين صحة جسد الانسان ونفسيته، من اجل تحقيق التوازن الذاتي للإنسان.
فحينما تحل الكوارث وأوضاع الطوارئ والنزاعات والأزمات الصحية حاصدة أرواح الأقارب والأصدقاء ومدمرة البيوت وسبل العيش، تكثر المعاناة البشرية. وكثيراً ما تقع الكوارث والنكبات بالقرب منا وأحياناً تصيبنا، وتحملنا عبئاً عاطفياً واجتماعيأ ومعنوياً ونفسيأً ثقيلاً تجاه الأطفال وأسرهم، نظراً لتسببها بوفاة أحد من الأهل أو مقدمي الرعاية، أو بالانفصال عنهم أو بفقدانهم، وهنا تنبع الحاجة الى الاسعاف النفسي الاولي.
لذا قدمت الجمعية، منذ تأسيسها ومازالت، الدعم النفسي الاجتماعي المتواصل لأهلنا في الوطن والشتات، وتسعى كوادرها ومتطوعوها الى تقديم افضل الخدمات والمساعدة والدعم النفسي للمتضررين، بطرق تحفظ كرامتهم وتراعي ثقافتهم وقدراتهم.
ويستهدف برنامج الاسعاف النفسي الاولي الأشخاص الذين يعانون من ضيق نفسي تعرضوا اليه نتيجة الى حادث ينطوي على أزمة حقيقية، حيث تقدم المساعدة للأطفال والبالغين على حد سواء، وكذلك الاسعافات النفسية الاولية منذ اللحظة الاولى للحادث أو بعده مباشرة. وفي بعض الأحيان يكون ذلك بعد أيام واسابيع من وقوعه.
وقد يتخذ العمل في اطار هذ البرنامج عدة جوانب، منها تقديم الرعاية والمساندة العمليتين من دون تطفل، وتقدير الاحتياجات والمخاوف، ومساعدة الناس على تلبية احتياجاتهم الاساسية، واراحة الناس ومساعدتهم على الشعور بالهدوء، والوصول الى الارشادات والخدمات والدعم الاجتماعي، وحماية الناس من التعرض للمزيد من الاذى والحد من تزايد الاضطرابات النفسية لديهم مستقبلاً.
ويتضمن برنامج الاسعاف الاولي على تدريب كوادره ومتطوعيه للاستعداد لمواجهة الكوارث والازمات، من خلال تقديم الإسعاف النفسي الأولي ضمن مستويين للتدخل، وفقاً لتوجيهاتالضوابط الارشادية للصحة العقلية والدعم "النفس – اجتماعي "في اوقات الطواريء (IASC).
يتضمن المستوى الاول تقديم الاحتياجات الرئيسية للمجتمعات المتضررة، مع الأخذ بعين الاعتبار احتياجاتهم النفس-اجتماعية، أما المستوى الثاني فيقدم التدخلات النفس- اجتماعية وفق "منهجية الإسعاف النفسي الأولي".
كما يتضمن البرنامج تدريب أفراد المجتمع في المناطق الأكثر عرضة للأحداث الحرجة وحالات الطوارئ، ليكونوا قادرين على تخفيف حدة تاثير هذه الأحداث في مجتمعاتهم. ويتضمن كذلك تدريبهم على الاسعاف النفسي الاولي، كونه أحد مكونات التأهب للكوارث. وبما أن الوصول إلى الأماكن الاكثر تضررا سيكون صعبا أحيانا بسبب دمار الطرق مثلا، فإن العاملين والمتطوعين المدربين ينبغي أن يكونوا فاعلين، كلٌ في حيّه أو مكان سكنه، حتى يكونوا جاهزين لتقديم الإسعاف النفسي الأولي للأشخاص المحتاجين فوراً دون تعريض سلامتهم وسلامة الأشخاص المتلقين للخدمة للخطر. وأثبتت التجارب السابقة أنه من خلال مواصلة تقديم الإسعاف النفسي الأولي، فإن معظم الناجين سيتعافون من ردود فعل الإجهاد ما بعد الصدمة، وسيكونون قادرين على التعامل مع حزنهم.
وفي إطار هذا الموضوع قال د. فتحي فليفل، مدير دائرة الدعم النفس اجتماعي في الجمعية:"من السهل إعطاء الخبز ولكن من الصعب منح الشهية، ومن السهل إعطاء الغطاء ولكن من الصعب منح الدفء، فالاسعاف النفسي الاولي هو الذي يساعد الناس على اكتساب الشهية والدفء".
وأضاف:" إن الاسعاف النفسي الاولي يرفع احساسنا بهموننا وهموم الآخرين ويرفع قدرتنا على التعامل مع كل البشر بالبعد الانساني. فكلما كنا قادرين على تدريب الاسعاف الاولي نكون قادرين على اسعاف الآخرين، ونساهم بشكل كبير في رفع مستوى الجلد عند الناس ليصبح كل فرد قادراً على تقديم الاسعاف النفسي الاولي في مكان سكنه".
يذكر أن عدد المستفدين من برنامج الاسعاف النفسي الاولي خلال النصف الاول من العام الجاري 2015 ما يقارب نحو 1200 منتفع ومنتفعة من الضفة الغربية وقطاع غزة.
انتهى.