الرئيسية » قصص انسانية »
21 أيار 2015

النزاع الأخير في قطاع غزة يقلب حياة الأطفال الجرحى رأساً على عقب

بقلم: هانيه سورين سورنسن، الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر

أودت دوامة العنف الأخيرة في قطاع غزة بحياة ما يربو على 500 طفل. ورغم كل الصعاب، عملت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني على إنقاذ حياة الكثير من الأطفال خلال هذا النزاع كما تواصل مد يد العون للأطفال الذين ما زالوا يعانون من الأضرار الجسدية التي أحدثتها القذائف والصواريخ. وتخفف هذه المساعدة التي تقدمها الجمعية من وطأة المعاناة اليومية لهؤلاء الأطفال الذين لم يُكتب لهم أن يعيشوا حياة طبيعية.

 

 

ويبذل الأطباء في مستشفى الأمل التابع للجمعية في مدينة خان يونس كل جهد مستطاع لإعادة تأهيل الأطفال الذين لم يغادروا المستشفى بعد رغم مرور أكثر من ستة أشهر على انتهاء النزاع. ومن بين هؤلاء الأطفال أمين المحمود البالغ من العمر أربع سنوات والذي جُرح في انفجار وقع في الأول من آب من العام الماضي عندما اخترقت إحدى الشظايا جسده وشقّت نخاعه الشوكي بالكامل مما أدى إلى إصابته بشلل نصفي. وتلقى أمين العلاج في مستشفى الأمل فور إصابته إلاّ أنه نقل غداة ذلك إلى أحد المشافي التركية بالنظر إلى إصابته البالغة، ليعود من ثم إلى مستشفى الأمل بعد تلقيه العلاج لمدة أربعة أشهر في تركيا.

 

 

ووصف الدكتور طارق الحفني الذي يترأس دائرة إعادة التأهيل في المستشفى وضع أمين قائلاً: "سيظل أمين مُقعداً طيلة حياته. لقد أصيب أمين بالاكتئاب الشديد أول الأمر، غير أنه عاد ليتكلم من جديد مؤخراً. إننا ندربه على استخدام كرسيه المتحرك والانتقال من السرير إلى الكرسي، كما سنعلمه في مرحلة لاحقة كيف يفرّغ القسطرة المخصصة للبول والبراز، إذ إنه لا يتحكم بعملية إخراج الفضلات. إننا نحاول أن نعلمه كيف يتعايش مع إعاقته". ويتعلم أمين في المستشفى أيضاً كيف يُدرّب يديه على تحريك الكرسي المتحرك كما يتلقى هو وأسرته الدعم النفسي من خلال جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.

 

 

وفي غرفة أخرى في القسم نفسه من هذا المستشفى، يرقد الطفل محمد أبو هداف البالغ من العمر ست سنوات والذي أُصيب بعدة شظايا في الرأس والجسم في الثامن من آب الماضي. وكان محمد قد فقد الوعي بعد إنقاذه من تحت الأنقاض بفترة وجيزة، ولا يزال غائباً عن الوعي حتى الآن. ونُقل محمد، مثله مثل أمين، للعلاج في تركيا حيث قرر الأطباء عدم إخضاعه لعملية جراحية رغم إصابته بجروح عدة في الرأس والصدر والبطن. ورغم أن عيني محمد تظلان مفتوحتان، إلا أنه لا يبدو أنه يعرف أين هو أو ما الذي حصل له. ويجلس صالح عايش، والد محمد، بالقرب من ابنه ممسكاً بيده ويسمعه أغانيه المفضلة فترتسم الابتسامة على شفتيه بين الفينة والفينة. ويقول الدكتور الحفني: "لا نعرف إن كان محمد سيستعيد وعيه في يوم من الأيام. نعرف أنه يعاني من آلام حادة أثناء جلسات العلاج الطبيعي، غير أنه لا يستطيع التحدث معنا. لقد بدأنا بتنفيذ برنامج إعادة تأهيل شامل لمساعدة هذا الطفل وأسرته يشمل الدعم النفسي الاجتماعي والعلاج الطبيعي".

 

 

أما بيسان ظاهر، ابنة الثماني سنوات، فهي تدين بحياتها لعلاء أبو شعيرة الذي يعمل كمتطوع في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني. بدأ علاء العمل كمتطوع قبل ست سنوات وشارك بحماس في أنشطة الجمعية في الميدان خلال النزاعات المسلحة الثلاثة الأخيرة في القطاع. ويقول علاء: "لقد أمضيت ساعتين في البحث بين الأنقاض لإنقاذ بيسان التي ظلّت عشرة ساعات كاملة تحت الأنقاض بعد تدمير منزلها ومقتل أفراد أسرتها الثمانية". وقالت لنا بيسان التي خلّفت إحدى الشظايا ندبة كبيرة على وجهها وتعيش حالياً مع عمها وزوجته وأبنائه الخمسة: "أعيش معهم لأن أسرتي أبيدت عن بكرة أبيها. كانت أمي تقرأ القرآن الكريم عندما تعرض منزلنا للقصف. لا أعرف لماذا تعرض المنزل للقصف، ولكنني أذكر أن شخصاً ما أزال الحجارة والركام من فوقي وأخذني إلى المستشفى. لقد شعرت باليتم حينها".

 

وتطمح بيسان لأن تصبح معلمة للغة الإنجليزية. لماذا؟ "لأنني بارعة في اللغة الإنجليزية وأريد التحدث إلى الأجانب ورواية قصتي لهم"، تردّ بيسان.


انتهى.