الرئيسية » قصص انسانية »
10 حزيران 2012

يدبكون على إيقاع قلوبهم

علي عبيدات
تحضرُ الدبكة وإن غاب الإيقاع، بلا يرغول بلا طبولٍ يصنعون الإبداع، بلوحات فلكلورية شعبية فلسطينية، تشد البصر وتعجبُ الناظرين، تتحدى القَدر وتستنهض الحاضرين، تنطقُ الصُم الدابكينَ على إيقاع قلوبهم.


هي لوحات "جفرا" على المجوز واليرغول، وقع أقدام الشباب وتمايل الصبايا على الطبول، على أهازيج البداوية و"ظريف الطول"، يحولون المستحيل إلى المعقول، ينطقون أجسادهم لتحكي عنهم حكايات عزيمتهم، فيسلبون العقول.


هكذا يعبر الصُم في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عن أنفسهم، من خلال فرقة الدبكة الشعبية خاصتهم، لا يسمعون، ولا يعرفون السلم الموسيقي، إلا أنهم يتبعون إيقاع قلوبهم النابضه بالحياة، ويصنعون منه سلماًُ يصعدهم للتميز.


منذ العام 2010 تقريباً، يشرع خمسة فتية وخمس فتيات، من طلبة مدرسة الاتصال التام التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في التدرب على الدبكة الشعبية، واللوحات الفلكلورية عن طريق لغة الإشارة، على قاعدة أن لا مستحيل مع الإرادة.


أتقنوا الدبكة، وراحوا يحملون أجمل لوحات التراث الوطني الفلسطيني، إلى المحافل المحلية، دبكات شعبية، ولوحات فلكلورية، يلوح الشبان لظريف الطول بالمناجل، وتحملُ الفتيات ألواح القش المزينة بالسنابل، فيندهش الحاضرون.


ويقول مدرب الفرقة ماهر:" أن تأسيس الفرقة نبع من إصرار الطلبة الصم، على تقديم شيء جديد، يدلل على قدرتهم على الإبداع أسوة بأقرانهم، وقد جدوا صعوبة في البداية، خلال التدريبات، إلا أنهم سرعان ما تجاوزها .


وأشار إلى ان الفرقة شاركت في العديد من العروض خلال احتفالات الجمعية وفعالياتها، إلى جانب العديد من الفعاليات المحلية، كمهرجان صفا للفنون الشعبية، ومهرجان فلسطين للإبداع، لافتاً إلى أن الحاضرين يندهشون دائما من طريقة أدائهم و يتفاجئون عندما يعلمون بأنهم صُم.


وطالب عيّاش الجهات المعنية، الرسمية وغير الرسمية، بضرورة تبني هذه الفرقة ودعمها بكافة المستويات، لما تشكله من حالة إبداع فريده، تدل على إصرار الفلسطيني وقدرته على الخلق والتميز، رغم معاناته من الإعاقة.


من جانبها أشارت غادة منصور، مديرة مدرسة الاتصال التام، التي ينتمي الطلبة إليها، إلى أن الفرقة تأسست إيمانا بضرورة ممارسة الصم لأنشطة لا منهجية، وأن نجاحهم كمن في إصرارهم أولا، وتلقيهم للدعم من الجمعية ثانيا.


الطلبة الصم أشاروا إلى أن الفرقة باتت باباً يعبر عنهم، وطريقة تقربهم من المجتمع، وفرصة للترويح عن النفس، واستعراض المهارات، وتجاوزوا ذلك بالقول بأنها فرصة سانحة أيضاً للمطالبة لحقوقهم أسوة بأقرانهم.