من بيت إجزا، وبيت سوريك، وبدو، وقطنة، وبيت عنان، تجتمع عشرات النسوة بشكل منظم، في مركز اللياقة البدنية التابع للجان الأمومة الآمنة في بلدة بدو، يتبادلن الحديث والخبرات، ويتولين دفة قيادة المركز من ألفه إلى يائه.
وبعد أن كان الحديث محصورا بشؤون الجارات والقريبات، خرجت النسوة من منازلهن للمشاركة في تنمية المجتمع، ومناقشة قضاياه المحورية والمهمة، بتشجيع من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني التي تقف وراء لجان الأمومة الآمنة.
في مدخل المركز تجتمع النسوة في دورات تثقيقية وتوعوية، حول سبل الوقاية من الأمراض المنتشرة، بينما تنشغل أخريات في التدرب على أجهزة اللياقة البدنية التي وفرتها الجمعية، وأخريات يمارسن فنون الإدارة في غرفة القيادة.
وقالت حنان منصور، الاختصاصية الاجتماعية المشرفة على اللجان في قرى شمال غرب القدس: "واجهنا صعوبة كبيرة في البداية، توجهت إلى أزواج النساء وشجعتهم على السماح لهن بخوض التجربة، وبعد فترة ليست بالطويلة، كسرت النساء حاجز المنزل، وبتن الآن يمسكن بدفة القيادة، ويتمتعن بروح مبادرة عالية".
ولفتت إلى أن الأمور سارت بشكل جيد، وبات عدد النساء في قطنة لوحدها 40 سيدة، علما أن عدد عضوات لجان الأمومة في بدو، وقطنة، وبيت اجزا، وبيت عنان، وهي القرى المجاورة التي تم فيها تشكيل لجان إضافية، وصل إلى 105 عضوات.
وأضافت منصور: "لقد شهدت اللجان تطورا كبيرا في نسبة مشاركة المرأة فيها، بعد مشاركتها في العديد من الأنشطة واللجان الهادفة، وامساك إمرأة في مجتمع ذكوري مايكروفونا وتلقي خطبة في الناس، هذا من المؤكد يعتبر إنجازا".
وانعكس التطور الكبير في شخصية النسوة المشاركات على عوائلهن. وفي هذا تقول إم عبود بدوان(43 عاما) في هذا الصدد: " إلي بنتعلمه هون بنستفيد منه في البيت، معاملتي لأطفالي اختلفت، أصبحت أكثر وعيا، في كل الامور الصحية والاجتماعية والتربوية".
وعن الصعوبات قالت زميلتها أم أحمد (50 عاما): "اجيت على اللجان قبل سنتين، واجهت صعوبات كبيرة مع زوجي في البداية، بس لمى شاف التطور الصحي والمجتمعي عليّ، تشجع وصار يشجعني أروح وأشارك وأطلع من الدار".
وذهبت زميلتها عفاف أمجد، ابنة الحادية والثلاثين عاما، إلى أبعد من ذلك بالقول: "لو ما استفدت، كان زوجي ما خلاني أطلع، إحنا ساعدنا الناس تصير تعرف أكثر عن كل الأمور، والمرأة صارت تحس إنه إلها دور في المجتمع".
مشاريع اللجان في شمال غرب القدس، لم تقتصر على مركز اللياقة في بدو، بل شملت أيضا حضانة للأطفال في قطنة، وهو ما أشارت إليه سوزان الفقيه (40 عاما) بالقول: "بعد ما أخذنا دورات بلشنا نطلع ع الدور، ونعمل توعيه، واشتغلنا على موضوع الحضانة، وأفتتحناها، وإحنا إلي بنديرها".
العمل في بيت إجزا رافقته صعوبات كبيرة، وكانت أنشطتها من أولى النشاطات التي تقرع أبواب المجتمع المحلي، وتقول غاده منصور: "واجهنا في البداية تحفظات كبيرة، لكننا استطعنا إحداث تغيير، وهو ما دفع الجميع لتأييدنا".
وحول الحراك والتفاعل بين الاجيال، والحاصل في لجان الامومة الآمنة، التي تضم في صفوفها عضوات في أعمار متفاوتة، أشارت الطالبة الجامعية ايناس مزرعاوي من بيت سوريك: "نستفيد من أخطاء بعضنا، ونستفيد من خبرات من هن أكبر منا سناً".
من جانبها قالت فاطمة سكيك، منسقة برنامج التطوير المبني على المجتمع، والذي تندرج في إطاره هذه اللجان وينفذ بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي عبر الصليب الاحمر الألماني والصليب الأحمر الفلندي: "النساء هُن من يتولين عملية التخطيط للمشاريع الصغيرة، وهن أيضا من ينفذنها حتى افتتاحها ومن ثم الإشراف عليها"
وأضافت: "تدير النساء في لجان الأمومة نحو الـ 45 مشروعا في الضفة الغربية وقطاع غزة، بدعم من فروع جمعية الهلال الأحمر في هذه المناطق، ولا تتقاضى أجرا من المستفيدين، سوى مبالغ رمزية خصصت للأمور التشغيلية".
المشهد في شمال غرب القدس، يتكرر في العديد من المناطق في الضفة الغربية واقطاع غزة، عبر 75 لجنة أمومة آمنة، تنشط فيها قرابة 1200 سيدة فلسطينية.