يتحمل سكان الارض الفلسطينية المحتلة أوضاعاً اقتصادية اجتماعية وسياسية تزداد قتامة يوماً بعد يوم في ظل بيئة شديدة التعقيد تجعلهم عرضة للكوارث الطبيعية وتلك التي هي من صنع الإنسان، إذ يواجه الفلسطينيون طائفة من مخاطر الكوارث التي تتراوح بين الجفاف والسيول العارمة والهزات الأرضية واحتمال انتشار الأوبئة والأمراض، ناهيك عن احتمال اندلاع نزاع سياسي يخيم عليهم باستمرار وعن الواقع الذي يفرضه جدار الفصل في الضفة الغربية الذي يتسبب بمخاطر ويضع عقبات لا مبرر لها في طريق الشعب الفلسطيني. ونظراً للوضع الفريد من نوعه في الضفة الغربية وقطاع غزة، ثمة حاجة ملحة لوضع آليات للاستعداد لمواجهة المخاطر وللتصدي لها يمكن تفعيلها على مستوى المجتمعات المحلية.
ويرمي برنامج الحد من مخاطر الكوارث المبني على المجتمع الذي تنفذه جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بتمويل من الصليب الأحمر الألماني عبر وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الفدرالية الألمانية، وكل من الصليب الأحمر النرويجي والسويدي، للإسهام في سد هذه الاحتياجات ولتوفير الأدوات والدعم الضروري لتمكين المجتمعات المحلية في فلسطين حتى يتسنى لها العمل على الحد من وقع الكوارث.
ويستهدف البرنامج خمسة عشر مجتمعاً محلياً في الضفة الغربية وقطاع غزة يقع عشر منها في محافظة الخليل في حين توجد المجتمعات الخمسة الأخرى في منطقة بيت لاهيا/جباليا في قطاع غزة. وتسعى المجتمعات الخمسة عشر عبر هذا البرنامج إلى وضع الآليات التنظيمية التي تتيح لها تنفيذ أنشطة مبنية على المجتمع في مجال الحد من مخاطر الكوارث وتنفيذ أنشطة صغيرة الحجم ترمي إلى تقليص آثار الكوارث وتعود بالفائدة على سكان تلك المجتمعات. وستتلقى الأسر المستضعفة في هذه المجتمعات في إطار البرنامج تدريباً مبنياً على المجتمع في مجال الإسعافات الأولية بحيث يتلقى فرد واحد على الأقل من أفراد 5300 أسرة التدريب في مجال الإسعاف الأولي.
فضلاً عما تقدم، ستتلقى ست مدارس مستهدفة المهارات الأساسية الضرورية للاستعداد للكوارث وللتصدي الفوري لها بما فيها محطات إسعاف أولي وخطط لإجلاء التلاميذ.
ومن المتوقع أن تعود الخدمات المقدمة والأنشطة المنفذة في إطار البرنامج بالفائدة على ما يربو على 126 ألف فلسطيني إما على نحو مباشر أو غير مباشر. وقد وفرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني التدريب لخمسة وسبعين مدرباً متطوعاً سيقومون بتدريب 375 متطوعاً جديداً في هذه المجتمعات سيسهمون في تنفيذ أنشطة البرنامج. وتقع المجتمعات المحلية المستهدفة التي يشملها البرنامج في مناطق معرضة للنزاع و/أو للعنف وتعاني من ارتفاع معدلات البطالة والفقر ومن قيود صارمة تعيق الوصول إلى الأسواق والانتفاع بالخدمات الاجتماعية الأساسية ومن حالة ضعف وهشاشة شديدة نظراً لتكرر الكوارث الطبيعية. وسيولي البرنامج عناية خاصة للفئات التي يمكن اعتبارها الأكثر تأثراً بالكوارث كالنساء والأطفال والمسنين وذوي الإعاقات والأفراد الذين يعانون من أمراض مزمنة.
وبفضل تركيز هذا البرنامج على المجتمعات المحلية وإشراكه للقادة وللمتطوعين المحليين على نحو كبير، فمن المؤكد أن تشعر المجتمعات نفسها بملكية الأنشطة والعمليات المنفذة في إطاره مما سيشكل في حد ذاته مصدر قوة سيسهم في ضمان استدامة البرنامج عموماً. وسيحظى أفراد المجتمع والمتطوعون بفضل هذا النهج اللامركزي بالأدوات والمعارف الضرورية لزيادة قدرتهم على التعامل مع الكوارث كما سيتم التركيز وبشدة على تمكين المجتمعات المحلية.
وسيتسنى عبر أنشطة البرنامج التي ستُنفّذ في خمسة عشر مجتمعاً تم استهدافها في المرحلة الأولية خلق سابقة واستحداث نموذج يمكن توسيع نطاقه فيما بعد وتعميمه على مناطق أخرى في الارض الفلسطينية المحتلة ولا سيما في قطاع غزة. ومع مرور الوقت، سيتم إشراك عدد أكبر من أفراد المجتمع الفلسطيني في برامج من هذا النوع وسيؤدون في إطارها دوراً نشطاً مما من شأنه تقوية المجتمع على نحو جماعي وتقليص خطر تكبد الخسائر من جراء الكوارث والمخاطر. وتشجع طبيعة هذا البرنامج اللامركزي الذي يقوده المتطوعون على نشر المعرفة والتدريب بما فيه فائدة للمجتمع عموماً، كما يسهم برنامج الحد من المخاطر في زيادة وعي المجتمعات المحلية في فلسطين بشأن قضايا ومسائل بالغة الأهمية على صعيد التعامل مع الكوارث ويقوم في الوقت نفسه بالترويج للاستقلالية وللمعارف التي يمكن للمجتمعات المحلية استخدامها على نحو فعال لتعزيز المجتمع المدني الفلسطيني.