الرئيسية » الأخبار »
25 أيار 2022

دقائق حرجة في سيارة إسعاف في طريقها إلى مستشفى الولادة

 

عادة ما ترتبط قصص الإسعاف بالحزن والموت، لكننا نروي لكم اليوم قصّة يمتزج فيها الفرح والأمل. عملٌ هو بمثابة الفرق بين الحياة والموت، يصنع به جنود الإنسانية فرقًا في حياة عائلة، أو شخص ما.

ضبّاط الإسعاف في جمعيّة الهلال الأحمر الفلسطيني، بخبراتهم الطبية ومهامهم الإنسانية في الاستجابة العاجلة للمرضى والمصابين في الحالات الطارئة، حيث تفصل الثانية بين الحياة والموت، فيما تُسفر جهودهم وما يقدمونه من إسعافات أولية في إنقاذ حياة الناس.

ساهم هؤلاء المسعفون في إنقاذ حياة آلاف الحالات، لم يكن يفصلهم عن الموت سوى لحظات قليلة، ليكون للمسعفين مع كل منهم قصة وحكاية إنسانية، استعاد فيها الشخص نبضات قلبه الذي شارف على التوقف أو استردت فيها أم أنفاسها بعد ولادة متعثرة، لتنتهي معاناة كل هؤلاء بكلمة شكر أو ابتسامة على محياهم لملائكة الرحمة، ممن ساهموا في إنقاذ حياتهم.

 

المسعفان أسامة الهسي، وهاني عليان من فرع الجمعية في شمال قطاع غزة/ جباليا،

وبينما هما في ذروة عملهم خلال يوم السبت، الرابع عشر من أيار، استجابا لنداء استغاثةٍ لحالة ولادة، لسيدة تبلغ من العمر 32 عامًا، وتبيّن من الاتصال خطورة الحالة.

كانت السيّدة تعاني من آلام المخاض حينها، وتصنّف حالتها من ضمن حالات الحمل الخطر، إذ أنها تحتاج إلى ولادة قيصرية عاجلة، كونها حامل بثلاثة أجنة، ولديها كسر في القدم، وتعاني من فقر الدم الحاد، فوصلت نسبة الدم لديها إلى 7؛ فاستلزمت حالتها النقل الفوري إلى مستشفى الشفاء للولادة في غزة.

 

 عند وصول سيارة الإسعاف إليها، تبيّن لضابطا الإسعاف أنّ السيدة في حالة ولادة داخل منزلها، ما دفعهما إلى التدخل المباشر للمساعدة في ولادة التوائم الثلاثة. وُلِد المولود الأول بحالةٍ صحيّة حرجة، وعلى الفور، أُعطي أكسجين وتم تدفئته بشكل عاجل، وفي نفس الوقت، قاما بتحضير الأم للنقل، إذ أنها تسكن في الطابق الرابع، ويستلزمُ وضعها نقلها بطريقة آمنة خوفًا على حياة الأجنة، وصحّة أمهم.

 

استطاع المسعفان نقل الأم داخل سيارة الإسعاف، وبعد دقائق من تحرّك السيارة بهم، وفي الطريق إلى المستشفى، لم ينتظر الجنين الثاني وصولهم، ما اضطرهما إلى إيقاف الإسعاف على جانب الطريق، واستقبال الابن الثاني من التوائم، وبعد ذلك، انطلقت سيارة الإسعاف باتجاه المستشفى وسط ازدحام الشوارع المؤدية إلى مستشفى. ويبدو أن التوائم الثلاثة قرروا الخروج قبل وصول أمهم إلى المستشفى، وصعّبوا الأمر على المسعفان. فمرّة أخرى، أوقِفت السيارة لاستكمال عملية الولادة، واستقبال الجنين الثالث، لتتم الولادة بقدوم التوائم الثلاثة بصحّة جيّدة، وبالحفاظ على حياة الأم.

 

مرّت دقائق حرجة، وانتهت عملية الولادة، ومازالت سيارة الإسعاف في طريقها إلى المستشفى.

انطلقت السيارة بثلاثة توائم بصحّة جيّدة، وأم تتوق للاطمئنان عليهم، ومسعفان ممّتنان لما بذلاه لإنقاذ العائلة الصغيرة، في رحلة من أخطر رحلات الإنسانية التي مرّا بها مع الأمّهات وأطفالهن.

وصلت سيارة الإسعاف إلى المستشفى، وسلّم المسعفان الأم، والأطفال الثلاثة "ذكران وأنثى"، إلى الطبيب المُستقبِل، الذي أثنى بدوره على طاقم الإسعاف لسرعة تدخّله وحسن تصرّفه في الحفاظ على حياة الأم وأجنتها ونقلهم بأمان.

 

يقول المسعفان عليان والهسي، أنهما لو تأخّرا على الأم ونُقلت بسيارة خاصة، كان من الممكن
أن يؤدي ذلك إلى تعريض حياتها وحياة الأجنة للخطر الشديد.

وعبّرا عن سعادتهما برؤية والد الأم مطمئنًا على صحة ابنته، وفخره بهما لإنقاذ حياتها وأطفالها. ويصفان التجربة بالواجب الذي عملا بجد لإتمامه وتعلّمه من خلال التدريبات المكثّفة في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني لطواقم الإسعاف، وحرص الجمعيّة على تحديث المعلومات الإسعافية لضبّاطها، التي أدت كلها إلى كسر حاجز الخوف لديهم، وتطوير مهارات ضبّاط الإسعاف في التعامل مع الحالات الحرجة، تطبيقًا لمبدأ الإنسانية.