أسيد ودعة: بين الشوق ونداء الواجب

جنين
بين أزقة مخيم جنين المدمر، يبذل المتطوع في دائرة الإسعاف والطوارئ في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أسيد ودعة ورفاقه جهودًا كبيرة في بلسمة جراح أهلهم وجيرانهم، في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر منذ نهاية شهر كانون الثاني الماضي.
بين الفخر والشعور بالرضى لما يقدمه من خدمات تساعد المواطنين الفلسطينيين في المخيم والمدينة، والحزن على ما يحدث لهم، فهذا شارع مُغلق وهذا بيتٌ مدمر، وهنا جيران فقدوا ابنهم، وهناك جيران نزحوا إلى المجهول.
"أنا أحب الإسعاف والطوارئ"، يقول ودعة مستذكرًا عشرات المواقف الصعبة التي مر بها خلال الأيام الماضية، احتجزه الجنود لساعات، ومنعوه من الدخول إلى المخيم لنقل مصابين في مرات كثيرة، وفي كل مرة يستجمع قواه ويواصل عمله.
وقال: "التحقت متطوعًا في دائرة الإسعاف والطوارئ التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في جنين منذ عام ونصف تقريباً. أحب عملي في مساعدة الناس، أشعر بسعادة كبيرة جدًا عندما أقدم المساعدة والمساندة لأهل المدينة والمخيم".
وأضاف: "انا ابن مخيم جنين، هناك عشرات المشاعر المختلطة في رأسي، لكني أشعر بفخر كبير. نعم هذا فخر كبير لي، أن أصل لعائلة محاصرة بعد أيام طويلة من السعي والجهد، أن أنقذ طفلًا مصابًا في أزقة المدينة، هذا كله يُشعرني بالرضا".
التطوع قيمة كبيرة
وأكد ودعة أنهم كمتطوعين يشعرون براحة كبيرة كونهم يساعدون أهلهم وناسهم في المخيم، جيرانهم وأقاربهم، مشيراً إلى أنه شرف عظيم أن تتاح لك الفرصة لمساعدة الناس الذين يواجهون الموت في كل يوم عشرات المرات.
وأضاف أن "كل هذه الجهود التي تبذلها طواقم الهلال الأحمر من موظفين ومتطوعين هي من أجل الناس، لهذا السبب نحن هنا، نشعر بأثر ما نقدمه على وجوه الناس، على وجوه المسنين والأطفال، على وجوه النساء والرجال المكسورين".
شوق للأهل
منذ أكثر من عشرين يومًا لم يستطع ودعة الدخول إلى المخيم ورؤية أهله المحاصرين هناك، حاله حال العشرات من موظفي ومتطوعي جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في دائرتي الإسعاف والطوارئ ومواجهة تداعيات الكوارث".
قال ودعة: "لي أكثر من عشرين يوماً مرابطاً في مركز الإسعاف، لم أعد لبيتي بالمرة، وهذا يجعلك تحس بمشاعر متضاربة، بين الشوق للأهل والولع الشديد للاطمئنان عليهم وعلى حالهم، كون المخيم أصبح ثكنة عسكرية، وبين نداء الواجب للتواجد في الميدان ومساعدة الناس".
يذكر أن طواقم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني تبذل جهودًا كبيرة في ظل الإمكانات الصعبة والاستهداف المتواصل لعملها في مخيم ومدينة جنين، صعوبات جراء التنسيق الصعب للوصول إلى الحالات، وجهود أكبر لمساندة آلاف النازحين.